التخطي إلى المحتوى

أوسلو نيوز – متابعات:
تستعد إيرلندا الشمالية لإستقبال الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يزورها بمناسبة حلول الذكرى السنوية الـ 25 لتوقيع إتفاق السلام “الجمعة العظيمة”، الذي أنهى 3 عقود من الصراع الدامي، لكن في ظل أجواء تخلو من الإحتفالات رغم حضور عدد من الشخصيات، خصوصا مع رفع مستوى التهديد الإرهابي إثر محاولة إغتيال ضابط شرطة في فبراير/ شباط.

ففي 10 أبريل/ نيسان 1998 في يوم الجمعة العظيمة الذي يسبق عيد الفصح المسيحي، إنتزع الجمهوريون المؤيدون لإعادة توحيد مقاطعتهم مع إيرلندا والوحدويون المصرون على البقاء داخل المملكة المتحدة، اتفاق سلام لم يكن متوقعا بعد مفاوضات مكثفة شاركت فيها لندن ودبلن وواشنطن.

وأنهى الاتفاق 3 عقود من أعمال عنف أسفرت عن 3500 قتيل بين الوحدويين ومعظمهم من البروتستانت، والجمهوريين الكاثوليك بمعظمهم، مع تورط الجيش البريطاني. وفي السنوات التي أعقبت اتفاق السلام، سلمت المجموعات العسكرية سلاحها وتم تفكيك الحدود العسكرية وغادرت القوات البريطانية.

لا إحتفالات رغم حضور عدد من الشخصيات

لكن بعد مرور ربع قرن، لم يحن الوقت للاحتفال بعد، في ظل مأزق سياسي ومخاوف أمنية. ولن يتم تنظيم احتفال كبير الإثنين، رغم أن من المتوقع حضور عدد من الشخصيات السياسية هذا الأسبوع، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي ذو الأصول الإيرلندية الذي يصل مساء الثلاثاء إلى بلفاست، حيث سيكون في إستقباله رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.

وقال سوناك الذي كان يبلغ 17 عاما عندما وُقع الاتفاق في بيان: “نتذكر اليوم بداية فصل جديد في تاريخ شعب إيرلندا الشمالية”. وقال إن الذكرى السنوية هي مناسبة “للإحتفاء بمن اتخذوا قرارات صعبة ووافقوا على تقديم تنازلات وأظهروا حس القيادة”. 

ويبدو السلام في إيرلندا الشمالية أكثر هشاشة مما كان عليه في 1998 إلا في أوقات نادرة، كما أن المؤسسات المحلية التي تم إنشاؤها عقب الاتفاق والتي من المفترض أن توحد المجتمعات، مشلولة منذ أكثر من عام بسبب الخلافات المرتبطة بعواقب مغادرة الاتحاد الأوروبي.

تداعيات ما بعد بريكست

ويعرقل “الحزب الوحدوي الديمقراطي” المتمسك بارتباط المقاطعة بالمملكة المتحدة عمل السلطة التنفيذية منذ أكثر من عام، عبر رفضه المشاركة في الحكومة ما لم يتم التخلي عن أحكام ما بعد بريكست التي تهدف إلى تجنب عودة الحدود المادية مع إيرلندا، ويرفض الحزب إعادة التفاوض بشأن البروتوكول الذي يهدف لمعالجة المخاوف الوحدوية بين الإتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

في هذا السياق الصعب بالفعل مع إقتراب إحياء الذكرى، رفعت إيرلندا الشمالية مستوى التهديد الإرهابي بعد محاولة اغتيال ضابط شرطة في فبراير/ شباط بأيدي أعضاء مجموعة جمهورية منشقة. ومن المقرر إستقدام أكثر من 300 عنصر أمن من المملكة المتحدة بمناسبة قدوم بايدن إلى المقاطعة.

وأقر جيري آدامز، الزعيم السابق لحزب “شين فين” الجمهوري أنه “إذا كانت السنوات الخمس والعشرون الماضية قد شهدت تطورات إيجابية وسلبية .. هناك شيء واحد مؤكد، أننا جميعا أفضل حالا” الآن.

وقال سوناك إن إتفاق الجمعة العظيمة “كما سنرى من خلال زيارة الرئيس بايدن هذا الأسبوع، لا يزال يحظى بدعم دولي كبير من أقرب حلفائنا”. وينظم رئيس الوزراء “حفل عشاء” بهذه المناسبة وسيشارك في مؤتمر حول هذه الذكرى في جامعة كوينز في بلفاست.

ومن المقرر أن تحضر المؤتمر الذي يستمر 3 أيام وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون التي لعب زوجها بيل كلينتون، عندما كان رئيسا، دورا رئيسيا في تحقيق إتفاقية السلام.

بايدن: “أنا إيرلندي”

وينتهز بايدن، من جانبه، فرصة زيارته “للإحتفال بالتقدم الكبير الذي تم إحرازه منذ توقيع الاتفاقية” وللتأكيد على “رغبة الولايات المتحدة في دعم الإمكانات الاقتصادية الهائلة لإيرلندا الشمالية”، بحسب البيت الأبيض.

وسيتوجه الرئيس الأمريكي بعد ذلك إلى جمهورية إيرلندا، العاصمة دبلن ومقاطعات لاوث (شرق) ومايو (غرب) التي ينحدر منها أجداده الذين هاجروا، على غرار آخرين، في منتصف القرن التاسع عشر هربا من المجاعة التي شهدتها البلاد، ليستقروا أخيرا في ولاية بنسلفانيا.

ويجاهر بايدن الذي يستعد لقضاء بضعة أيام في أرض أجداده، بجذوره الإيرلندية معلنا: “أنا إيرلندي” بحماسة ممزوجة بمصلحة سياسية، وكان رد وهو يتجاهل مبتسما صحافيا بريطانيا، في فيديو غير مؤرخ لقي رواجا كبيرا على الإنترنت قائلا: “البي بي سي؟ أنا إيرلندي!”.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020 تلا بايدن في أحد فيديوات حملته الإنتخابية قصيدة للشاعر الإيرلندي الحائز جائزة نوبل للآداب سيموس هيني، لكن بالطبع، لا يحمل الرئيس الأمريكي جواز سفر إيرلنديا، وهو من أصل بريطاني لجهة والده.

المصدر: فرانس 24